مراجعة منظومة الدعم يعتبر مسألة حساسة قد تلهب الجبهة الاجتماعية المتوترة أصلا مع تدني المقدرة الشرائية للمواطن التونسي.
ميدل ايست أونلاين
الاجراءات المرتقبة تثقل كاهل المواطن التونسي
تونس - قال رضا السعيدي المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة التونسية إن بلاده تتجه لزيادة أسعار البنزين وبعض المواد الأساسية من بينها الخبز والماء والشاي والقهوة تدريجيا وذلك اعتبارا من العام المقبل ضمن حزمة إصلاحات فورية لخفض عجز الموازنة بينما ستبدأ تنفيذ إصلاحات هيكلية لمنظومة الدعم في بداية العام 2019.
ويأتي اعلان السعيدي بينما تدنت المقدرة الشرائية للمواطن التونسي مع ارتفاع قياسي لأسعار العديد من المواد الاستهلاكية خاصة منها الغذائية، فيما تباطأت حملة رئيس الحكومة يوسف الشاهد على الفساد وسط اشارات متناقضة من حزب نداء تونس الحاكم تتعلق بإقالة الشاهد.
وفي الفترة الأخيرة شهدت أسعار الخضر والغلال ارتفاعا كبيرا لأسباب فسرها البعض بالمرحلة الانتقالية بين الفصول حيث يقل انتاج بعض السلع، بينما عزاها آخرون للمضاربات والاحتكار وهو التفسير الأقرب، حيث تسجل تونس ما بعد ثورة 2011 انفلاتا وحالة فساد تتزايد من عام إلى آخر.
وقال السعيدي في مقابلة مع رويترز بمكتبه بالعاصمة تونس "نتجه لرفع تدريجي في أسعار بعض المواد... هناك اتفاق على زيادة في سعر الماء الصالح للشرب بنسبة حوالي 5 بالمئة وسيتم أيضا تعديل سعر البنزين مطلع العام المقبل في ظل ارتفاع أسعار البترول العالمية".
وحين انخفض سعر البترول بأكثر من 50 بالمئة منذ يونيو/حزيران 2014 لم تخفض تونس أسعار المحروقات على خلاف دول أخرى تدخل تعديلات على أسعار المحروقات بحسب تقلبات أسعار الخام في الأسواق العالمية.
وتخصص تونس حوالي 1.5 مليار دينار (600 مليون دولار) لدعم المحروقات، لكن عودة أسعار النفط العالمية للارتفاع في الفترة الأخيرة (بين 60 و68 دولار للبرميل) ستجبر الحكومة على تعديل الأسعار في مطلع العام المقبل.
وقال المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة التونسية إن "هناك أيضا نية لتعديل تدريجي في أسعار الشاي والقهوة وأيضا الخبز سيرتفع بما لا يقل عن عشرة مليمات على الأقل. وربما تكون الزيادة أكثر بقليل من ذلك".
وتتعرض تونس لضغوط قوية من المقرضين الدوليين لتدشين حزمة إصلاحات جريئة لخفض عجز الموازنة الذي تأمل الحكومة أن يهبط إلى 4.9 بالمئة العام القادم مقارنة مع نحو 6 بالمئة في توقعات 2017.
لكن خفض الدعم ورفع أسعار المواد الغذائية الاساسية وخاصة الخبز، أمر شديد الحساسية في تونس التي شهدت في بداية ثمانينات القرن الماضي احتجاجات عنيفة قمعتها السلطات آنذاك وقتل خلالها عدة تونسيين في ما بات يعرف "بثورة الخبز".
غير أنه يبدو أن زيادة سعر الخبز على وجه التحديد قد لا تلقى اليوم اعتراضا واسعا خصوصا أن أغلبية التونسيين يتنازلون بالفعل عن هذه المليمات العشرة للمخابز التي لا تتوافر لديها عادة عملة العشرة مليمات.
بالإضافة إلى ذلك تقول السلطات إن العائلات التونسية تتخلص من كميات كبيرة من الخبز لزيادته عن حاجتها.
وتعود آخر زيادة في سعر الخبز إلى العام 2010 أي قبل أشهر من الانتفاضة التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أعلن في يناير/كانون الثاني 2011 خفض سعر الخبز من جديد في مسعى لاحتواء الاحتجاجات لكن دون جدوى.
وبدأت حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد هذا العام بالفعل خططا لخفض تدريجي لدعم السكر الموجه للتجار مما ساعد على توفير حوالي 70 مليون دولار للدولة.
وقال السعيدي "هذه التعديلات التدريجية في بعض الأسعار هي إصلاحات فورية ولكن لدينا خطط لإصلاح هيكلي نتقدم فيه بخصوص منظومة الدعم وسيكون جاهزا بنهاية العام المقبل على أن يتم تنفيذه في 2019".
وأضاف "نسعى أن نجهز بطاقة المعرف الوحيد التي ستضبط من يتعين أن يحصل على مساعدات من الدولة مقابل خفض الدولة لدعم بعض المواد التي يستفيد منها صناعيون دون وجه حق".
وعلى الرغم من خطط الحكومة لرفع أسعار بعض المواد الغذائية في 2018 ستظل الميزانية المرصودة لصندوق الدعم في حدود حجم هذا العام تقريبا، أي نحو 3.5 مليار دينار (1.4 مليار دولار).
إصلاحات مؤلمة
ويبرر السعيدي تعديل الأسعار بأنه ضرورة بسبب هبوط قيمة الدينار التونسي أمام اليورو والدولار مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الواردات إضافة إلى ارتفاع أسعار بعض المواد التي تستوردها تونس من السوق العالمية مثل البترول والحبوب.
وقال إن الإصلاحات هي خيار لخفض العجز وتقليص الدين الخارجي تدريجيا، لكن مع ذلك ستحتاج تونس إلى تمويلات خارجية بقيمة 7.5 مليار دينار (3.5 مليار دولار) في 2018 من بينها إصدار سندات.
وأشار السعيدي إلى أن "من بين التمويلات الخارجية برنامج إصدار سندات باليورو سيكون في حدود 500 مليون يورو تقريبا في الربع الأول من العام المقبل على الأرجح".
وفي فبراير/شباط الماضي أصدرت تونس سندات بقيمة 850 مليون يورو.
وأضاف المسؤول التونسي أن تونس ستحتاج للاقتراض داخليا من خلال إصدار سندات في السوق المحلية بقيمة 2.2 مليار دينار (880 مليون دولار) وتأمل أن تساعد الإصلاحات في خفض مستوي الدين الخارجي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة حيث وصل إلى حوالي 75 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي، فيما تسعى لخفض الدين الخارجي إلى 70 بالمئة في 2020.
وتشمل إصلاحات حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد زيادة في ضريبة القيمة المضافة نسبتها 1 بالمئة وزيادة الضرائب على البنوك 5 بالمئة.
وسترفع الحكومة أيضا الضريبة على عدة سلع مثل المشروبات الكحولية والعطور والمكالمات الهاتفية إضافة إلى فرض ضريبة على الإقامة بالفنادق. وستشدد الحكومة المراقبة على الضرائب المفروضة على صفقات لاعبي كرة القدم وبعض الرياضات الأخى والفنانين أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق