لا تبدو الصفات التي يتسم بها هذا الرجل ذو الابتسامة العريضة، من دماثةٍ وقدرة على الحديث اللطيف، وسخاءٍ في منح الوقت والمشورة لمن حوله، كالصفات التي ترتبط عادةً بـ "التنين".
فعندما يظهر "جو ميمران"، في النسخة الكندية من البرنامج التليفزيوني البريطاني ذائع الصيت "عرين التنانين"، الذي يُفسح المجال لأصحاب المشاريع الناشئة لعرض أفكارهم ومشروعاتهم، لا يبدو أنه من تلك الشخصيات التي "تنفث النيران من أفواهها" في وجهك، لتقوض بذلك أحلامك وأفكارك التي تعرضها عليها.
ربما يعود ذلك إلى أن هذا الرجل، وهو مغربي الأصل، يتذكر طبيعة الشعور الذي ينتاب المرء في مثل هذه المواقف، وخاصة عندما يراك قادماً إليه مُفعماً بالأمل لكي تعرض عليه فكرتك التي تحبها.
فرغم أن ميمران (65 عاماً) - الذي هاجر من مسقط رأسه في المغرب إلى بلاد الغرب وعكف طيلة حياته على العمل في مجال الأزياء - يُعرف بكونه المحرك الأساسي وراء ظهور علاماتٍ تجاريةٍ كبرى مثل "جو فريش" و"كلابْ موناكو"، فإن مسيرته المهنية حفلت بالانتصارات والانتكاسات سواءٌ بسواء.
افرأ ايضا : من صاحبة مدونة على الإنترنت إلى رائدة أعمال تجني الملايين - الدانة نيوز
ولا يزال هذا الرجل يؤمن بأنه "ليس أذكى" من أقرانه. بيد أنه كان لديه شغفٌ بعمله منذ حداثة سنه. ويقول في هذا الشأن: "أحببت تصميم (الأزياء) دوماً، كما رغبت على الدوام في أن يصبح لدي مشروعٌ" في هذا المجال.
فعندما كان في الثانية عشرة من عمره، كانت لديه بالفعل سترةٌ حاكتها له أمه، من قماش منسوجٍ بلونين مختلفين، على نحوٍ يجعله وكأنه منقوشٌ، وذلك لأنه كان يريد أن يُحاكي الممثل المعروف شون كونري في ثيابه.
ولم يكن مجال عمل والده في البقالة هو ما خلب لبه، بل نشاط أمه في تصميم الأزياء؛ إذ كانت حياكة السترات الرجالية والأردية النسائية تأَسِرَ مخيلته.
وهكذا ساعد الفتى والدته على إدارة شركةٍ كانت تتخذ من منزل الأسرة مقراً لها. وبعدما فتحت الأم مصنعاً صغيراً في حي يعج بالعاملين في مجال الحياكة بمدينة تورونتو الكندية، طلبت من ابنها تولي المسؤولية عن أنشطة الشركة.مصدر الصورةJOE MIMRANImage captionدُشنت علامة "كلابْ موناكو" التجارية في تورونتو عام 1985
ويتذكر جو ميمران تلك الأيام بالقول: "كنت أريد دوماً الانخراط في حلبة المشاريع التجارية، وقد كانت تلك تجربة تعلمٍ رائعة".
وركزت الشركة التي امتلكتها الأسرة على بيع الملابس النسائية المُحاكة بالطلب وحسب المقاس الذي تطلبه السيدات. لكن جو وشقيقه رغبا في أن يمضيا لما هو أبعد من ذلك.
فقد تعاقدا مع مصمم الأزياء "ألفريد سَنغ" لتصميم خطٍ للملابس الجاهزة، بهدف توريد منتجاته إلى المحال الواقعة في الشارع التجاري الرئيسي في المدينة، وهو أمرٌ لم تكن الشركة قد حاولته من قبل قط.
ويقول ميمران إنه تبين أن هذه الخطوة قد حققت نجاحاً واضحاً مع المستهلكين "وأظهرت لي أن المقامرة في مجال المشاريع التجارية قد تُؤتي أُكُلها".
بعد ذلك، وفي يومٍ ما في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، كان ميمران منهمكاً في البحث عن قميصٍ قصير الكمين "تي شيرت" أبيض اللون. وعندما اكتشف أنه غير قادر على العثور على قميصٍ يروق له، قدح زناد فكره ليبتكر علامةً تجاريةً جديدةً تماماً لملابس عالية الجودة، وبأسعارٍ في متناول المستهلك في الوقت نفسه.
قصة نجاح أفضل مصمم للمتاهات في العالم
لسوء الحظ، لاقت "كلابْ موناكو" بدايةً حافلةً بالمصاعب. فقد قررت اثنتان من كبريات سلاسل المتاجر متعددة الأقسام في كندا وقتذاك - وهما "ذا باي" و"إيتُنز" - عدم بيع المنتجات التي تحمل هذه العلامة، وهو ما حال دون وصولها إلى قطاعٍ مهمٍ من المستهلكين في السوق.
أدى ذلك إلى أن يصبح الشقيقان ميمران في ورطة، فقد كانا قد أنتجا بالفعل الملابس الجاهزة، والآن باتا دون أي منفذ لبيعها.
ويقول "جو ميمران" في هذا الصدد: "أدركنا أننا بصدد تسلم كل هذه البضائع التي صارت في الطريق إلينا، وأصبح السبيل الوحيد المتاح أمامنا للمضي قدماً، يتمثل في فتح متاجر مملوكة لنا".
وفي ذلك الوقت - كما يقول الرجل - لم يكن من المألوف على الإطلاق الإقدام على مثل هذه الخطوة، إذ كانت المتاجر التي تبيع بالتجزئة تشتري بضائعها عادةً من تُجار الجملة.مصدر الصورةGETTY IMAGESImage captionافتتح "جو ميمران" أضخم متاجر "جو فريش" في نيويورك عام 2012 ولكنه أُغْلِقْ عام 2015
رغم ذلك، تذكر ميمران في تلك اللحظة أن المقامرة الأخيرة التي أقْدم عليها بتعاقده مع "ألفريد سَنغ" قد كُلِلت بالنجاح، وهو ما دفعه إلى أن يلقي بحذره جانباً، ويمضي على طريق فتح المتجر.
وجاءت الرياح بما اشتهت سفن هذا المصمم المعروف، ونجح رهانه، إلى حد أن صفوفاً من الناس تراصت - كما قال ميمران - حول "المربع السكني" الذي كان المتجر يقبع فيه، وذلك في اليوم الأول لفتح أبوابه في تورونتو.
ويعقب الرجل على ذلك بالقول: "يتعين عليك أحياناً أن تشرع فحسب (في القيام بما تريد)، دون خوف وبحماسة، حتى إذا كان الآخرون ينصحون بغير ذلك".
في ذات مرة، حذره أحد الموظفين في قطاع المبيعات لديه من بناء مصنعٍ للملابس الرياضية، قائلاً إنه (ميمران) يفتقر للخبرة اللازمة للدخول في هذا القطاع من السوق. لكن الرجل تجاهل النصيحة، وفصل هذا الموظف، ومضى قدماً على طريق تشييد المصنع، دون اكتراث بأي تحذيرات.
ويشرح "جو ميمران" سبب إقدامه على ذلك بالقول: "الكثير من الأشخاص العاملين في مجال المشروعات سيحاولون إثناء المرء، بحكم ما واجهوه من مشكلاتٍ كثيرة في الماضي. لكن فكرتك أنت قد تُنفذ بطريقة جديدة، وربما يكون لها وقعٌ على نحوٍ لم يتوقعه هذا الخبير المخضرم أو ذاك".
كيف تجعل نفسك أكثر جاذبية وتأثيرا؟
صَدَقَ هذا الأمر مع "كلابْ موناكو"، فقد وصلت المنتجات التي تحمل هذه العلامة التجارية، إلى نيويورك وغيرها من المدن والحواضر العالمية، قبل أن تشتريها شركة "بولو رالف لورين" العملاقة في مجال الأزياء مقابل 52.5 مليون دولار عام 1999.
ومنذ ذلك الحين، واصل ميمران ابتكار وتدشين علاماتٍ تجارية جديدة، بما في ذلك "جو فريش"، تلك العلامة التي تستهدف جميع شرائح المستهلكين في السوق بمختلف فئاتهم.
ودُشنت هذه العلامة لسلسلة متاجر "لاب لو"، التي تعمل في الولايات المتحدة وكندا.
ومن المؤكد أن الفارق كبيرٌ بين المنتجات التي تحمل هذه العلامة والثياب التي رأى ميمران والدته تحيكها بالطلب لزبوناتها الأنيقات في تورونتو قبل أعوامٍ طويلة. رغم ذلك واجهت "جو فريش" بعض التحديات.مصدر الصورةGETTY IMAGESImage captionشاركت الممثلة نورين ديولف في تدشين علامة "جو فريش" التجارية في متجرٍ تابع لسلسلة "جيه سي. بيني" للمتاجر في مدينة بيفرلي هيلز الأمريكية عام 2013
فقد تضافرت العديد من العوامل لتجعل من الصعب على العلامات التجارية التقليدية في عالم الأزياء تحقيق النجاح المنشود، مثل سرعة تبدل وتغير الأذواق والصيحات في هذا المجال، وظهور تجارة التجزئة عبر شبكة الإنترنت، بجانب تغير أوضاع بعضٍ من كبريات المتاجر الكبيرة، التي كان يمكن لمصممين من أمثال ميمران الاعتماد عليها في السابق كواجهةٍ لعرض منتجاتهم.
وفي هذا الصدد، يقول تنماي مانوهار - وهو خبير استشاري في مجال تصميم أزياء الرجال ومُستخدمٌ مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي في نيويورك - إن قواعد اللعبة قد تغيرت بالنسبة لأقطاب عالم الأزياء من أمثال ميمران.
ففي الماضي - كما يقول مانوهار - كان هناك شيءٌ أشبه بنموذجٍ يساعد المرء على التعرف على المكان الذي يتعين عليه أن يكون فيه، كي يتسنى له بيع منتجاته، "لكنك الآن تنشر رسالتك عبر مواقع التواصل الاجتماعي وموقع يوتيوب. إنه عالم النقرة الواحدة".
ويضيف الرجل قائلاً إنه بات يتوجب على المرء أن يكون جاهزاً بردود فعلٍ واستجاباتٍ أكثر سرعة في عالمٍ حافلٍ بالتطبيقات، ووسائل الإشباع الفوري للرغبات والاحتياجات.
وقد قوضت قوى السوق هذه، أحدث مشاريع ميمران، ليشهد عام 2015 إنهاء العمل باتفاقٍ تجاريٍ مع سلسلة "جيه سي. بيني" العملاقة للمتاجر في الولايات المتحدة، كما أُغْلِقَ أضخم متاجر الشركة المملوكة له في نيويورك.
وهكذا، فحتى بعد النجاحات التي حققها ميمران، شهدت مسيرته المهنية تطوراتٍ أدت إلى تذكيره، بأنه لا يمكن للمرء قط أن يضمن تحقيق النجاح في مجالٍ تجاريٍ، يتسم بتنافسية شديدة، كذاك الخاص بتصميم الأزياء.
وبحسب ما يقول هذا الرجل، يؤدي ذلك إلى جعله قادراً على إبداء التعاطف، حينما يلتقي أصحاب مشاريع يعانون من صعوبات.
شركة بريطانية تختار موظفيها الجدد وفقا لصفاتهم الشخصية
ويصر ميمران على القول: "أنا لست أذكى من أي شخص آخر، لأن مدى نجاحك يرتبط بمدى نجاح (شركتك) في الموسم المُنقضي. فبغض النظر عن حجم ما تعلمه، يمكن أن تبقى فاشلاً في مجالنا التجاري. هذا يُبقيك حصيفاً ومتزناً بشدة".
ويشكل هذا النهج ذو السمت المتواضع - الذي يتناقض مع الضراوة التي يُفترض أنها سمةٌ مميزةٌ للتنانين - مفتاحاً لنجاح ميمران، كما يقول جوزيف تاسوني، وهو مصمم أزياءٍ عَمِلَ عندما كان في الثامنة عشر من عمره فحسب مُصمماً مُبتدئاً لملابس الرجال في شركة "جوزيف ميمران وشركاه".
ويستطرد تاسوني قائلاً: "في بداية كل يوم عمل، يحيي جو - بل ويلقي بالسلام على الجميع حرفياً - من الكناس وحتى موظفي الإدارة العليا".
وأضاف بالقول إنه "يستمع إلى الأفكار، ويشجع الموهبة والإبداع والابتكار، ويدفعك إلى تحقيق رؤيتك وهدفك"، بل وربما إنجاز ما يفوق ذلك أيضاً.
ولا يزال هذا الرجل يؤمن بأنه "ليس أذكى" من أقرانه. بيد أنه كان لديه شغفٌ بعمله منذ حداثة سنه. ويقول في هذا الشأن: "أحببت تصميم (الأزياء) دوماً، كما رغبت على الدوام في أن يصبح لدي مشروعٌ" في هذا المجال.
فعندما كان في الثانية عشرة من عمره، كانت لديه بالفعل سترةٌ حاكتها له أمه، من قماش منسوجٍ بلونين مختلفين، على نحوٍ يجعله وكأنه منقوشٌ، وذلك لأنه كان يريد أن يُحاكي الممثل المعروف شون كونري في ثيابه.
ولم يكن مجال عمل والده في البقالة هو ما خلب لبه، بل نشاط أمه في تصميم الأزياء؛ إذ كانت حياكة السترات الرجالية والأردية النسائية تأَسِرَ مخيلته.
وهكذا ساعد الفتى والدته على إدارة شركةٍ كانت تتخذ من منزل الأسرة مقراً لها. وبعدما فتحت الأم مصنعاً صغيراً في حي يعج بالعاملين في مجال الحياكة بمدينة تورونتو الكندية، طلبت من ابنها تولي المسؤولية عن أنشطة الشركة.مصدر الصورةJOE MIMRANImage captionدُشنت علامة "كلابْ موناكو" التجارية في تورونتو عام 1985
ويتذكر جو ميمران تلك الأيام بالقول: "كنت أريد دوماً الانخراط في حلبة المشاريع التجارية، وقد كانت تلك تجربة تعلمٍ رائعة".
وركزت الشركة التي امتلكتها الأسرة على بيع الملابس النسائية المُحاكة بالطلب وحسب المقاس الذي تطلبه السيدات. لكن جو وشقيقه رغبا في أن يمضيا لما هو أبعد من ذلك.
فقد تعاقدا مع مصمم الأزياء "ألفريد سَنغ" لتصميم خطٍ للملابس الجاهزة، بهدف توريد منتجاته إلى المحال الواقعة في الشارع التجاري الرئيسي في المدينة، وهو أمرٌ لم تكن الشركة قد حاولته من قبل قط.
ويقول ميمران إنه تبين أن هذه الخطوة قد حققت نجاحاً واضحاً مع المستهلكين "وأظهرت لي أن المقامرة في مجال المشاريع التجارية قد تُؤتي أُكُلها".
بعد ذلك، وفي يومٍ ما في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، كان ميمران منهمكاً في البحث عن قميصٍ قصير الكمين "تي شيرت" أبيض اللون. وعندما اكتشف أنه غير قادر على العثور على قميصٍ يروق له، قدح زناد فكره ليبتكر علامةً تجاريةً جديدةً تماماً لملابس عالية الجودة، وبأسعارٍ في متناول المستهلك في الوقت نفسه.
قصة نجاح أفضل مصمم للمتاهات في العالم
لسوء الحظ، لاقت "كلابْ موناكو" بدايةً حافلةً بالمصاعب. فقد قررت اثنتان من كبريات سلاسل المتاجر متعددة الأقسام في كندا وقتذاك - وهما "ذا باي" و"إيتُنز" - عدم بيع المنتجات التي تحمل هذه العلامة، وهو ما حال دون وصولها إلى قطاعٍ مهمٍ من المستهلكين في السوق.
أدى ذلك إلى أن يصبح الشقيقان ميمران في ورطة، فقد كانا قد أنتجا بالفعل الملابس الجاهزة، والآن باتا دون أي منفذ لبيعها.
ويقول "جو ميمران" في هذا الصدد: "أدركنا أننا بصدد تسلم كل هذه البضائع التي صارت في الطريق إلينا، وأصبح السبيل الوحيد المتاح أمامنا للمضي قدماً، يتمثل في فتح متاجر مملوكة لنا".
وفي ذلك الوقت - كما يقول الرجل - لم يكن من المألوف على الإطلاق الإقدام على مثل هذه الخطوة، إذ كانت المتاجر التي تبيع بالتجزئة تشتري بضائعها عادةً من تُجار الجملة.مصدر الصورةGETTY IMAGESImage captionافتتح "جو ميمران" أضخم متاجر "جو فريش" في نيويورك عام 2012 ولكنه أُغْلِقْ عام 2015
رغم ذلك، تذكر ميمران في تلك اللحظة أن المقامرة الأخيرة التي أقْدم عليها بتعاقده مع "ألفريد سَنغ" قد كُلِلت بالنجاح، وهو ما دفعه إلى أن يلقي بحذره جانباً، ويمضي على طريق فتح المتجر.
وجاءت الرياح بما اشتهت سفن هذا المصمم المعروف، ونجح رهانه، إلى حد أن صفوفاً من الناس تراصت - كما قال ميمران - حول "المربع السكني" الذي كان المتجر يقبع فيه، وذلك في اليوم الأول لفتح أبوابه في تورونتو.
ويعقب الرجل على ذلك بالقول: "يتعين عليك أحياناً أن تشرع فحسب (في القيام بما تريد)، دون خوف وبحماسة، حتى إذا كان الآخرون ينصحون بغير ذلك".
في ذات مرة، حذره أحد الموظفين في قطاع المبيعات لديه من بناء مصنعٍ للملابس الرياضية، قائلاً إنه (ميمران) يفتقر للخبرة اللازمة للدخول في هذا القطاع من السوق. لكن الرجل تجاهل النصيحة، وفصل هذا الموظف، ومضى قدماً على طريق تشييد المصنع، دون اكتراث بأي تحذيرات.
ويشرح "جو ميمران" سبب إقدامه على ذلك بالقول: "الكثير من الأشخاص العاملين في مجال المشروعات سيحاولون إثناء المرء، بحكم ما واجهوه من مشكلاتٍ كثيرة في الماضي. لكن فكرتك أنت قد تُنفذ بطريقة جديدة، وربما يكون لها وقعٌ على نحوٍ لم يتوقعه هذا الخبير المخضرم أو ذاك".
كيف تجعل نفسك أكثر جاذبية وتأثيرا؟
صَدَقَ هذا الأمر مع "كلابْ موناكو"، فقد وصلت المنتجات التي تحمل هذه العلامة التجارية، إلى نيويورك وغيرها من المدن والحواضر العالمية، قبل أن تشتريها شركة "بولو رالف لورين" العملاقة في مجال الأزياء مقابل 52.5 مليون دولار عام 1999.
ومنذ ذلك الحين، واصل ميمران ابتكار وتدشين علاماتٍ تجارية جديدة، بما في ذلك "جو فريش"، تلك العلامة التي تستهدف جميع شرائح المستهلكين في السوق بمختلف فئاتهم.
ودُشنت هذه العلامة لسلسلة متاجر "لاب لو"، التي تعمل في الولايات المتحدة وكندا.
ومن المؤكد أن الفارق كبيرٌ بين المنتجات التي تحمل هذه العلامة والثياب التي رأى ميمران والدته تحيكها بالطلب لزبوناتها الأنيقات في تورونتو قبل أعوامٍ طويلة. رغم ذلك واجهت "جو فريش" بعض التحديات.مصدر الصورةGETTY IMAGESImage captionشاركت الممثلة نورين ديولف في تدشين علامة "جو فريش" التجارية في متجرٍ تابع لسلسلة "جيه سي. بيني" للمتاجر في مدينة بيفرلي هيلز الأمريكية عام 2013
فقد تضافرت العديد من العوامل لتجعل من الصعب على العلامات التجارية التقليدية في عالم الأزياء تحقيق النجاح المنشود، مثل سرعة تبدل وتغير الأذواق والصيحات في هذا المجال، وظهور تجارة التجزئة عبر شبكة الإنترنت، بجانب تغير أوضاع بعضٍ من كبريات المتاجر الكبيرة، التي كان يمكن لمصممين من أمثال ميمران الاعتماد عليها في السابق كواجهةٍ لعرض منتجاتهم.
وفي هذا الصدد، يقول تنماي مانوهار - وهو خبير استشاري في مجال تصميم أزياء الرجال ومُستخدمٌ مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي في نيويورك - إن قواعد اللعبة قد تغيرت بالنسبة لأقطاب عالم الأزياء من أمثال ميمران.
ففي الماضي - كما يقول مانوهار - كان هناك شيءٌ أشبه بنموذجٍ يساعد المرء على التعرف على المكان الذي يتعين عليه أن يكون فيه، كي يتسنى له بيع منتجاته، "لكنك الآن تنشر رسالتك عبر مواقع التواصل الاجتماعي وموقع يوتيوب. إنه عالم النقرة الواحدة".
ويضيف الرجل قائلاً إنه بات يتوجب على المرء أن يكون جاهزاً بردود فعلٍ واستجاباتٍ أكثر سرعة في عالمٍ حافلٍ بالتطبيقات، ووسائل الإشباع الفوري للرغبات والاحتياجات.
وقد قوضت قوى السوق هذه، أحدث مشاريع ميمران، ليشهد عام 2015 إنهاء العمل باتفاقٍ تجاريٍ مع سلسلة "جيه سي. بيني" العملاقة للمتاجر في الولايات المتحدة، كما أُغْلِقَ أضخم متاجر الشركة المملوكة له في نيويورك.
وهكذا، فحتى بعد النجاحات التي حققها ميمران، شهدت مسيرته المهنية تطوراتٍ أدت إلى تذكيره، بأنه لا يمكن للمرء قط أن يضمن تحقيق النجاح في مجالٍ تجاريٍ، يتسم بتنافسية شديدة، كذاك الخاص بتصميم الأزياء.
وبحسب ما يقول هذا الرجل، يؤدي ذلك إلى جعله قادراً على إبداء التعاطف، حينما يلتقي أصحاب مشاريع يعانون من صعوبات.
شركة بريطانية تختار موظفيها الجدد وفقا لصفاتهم الشخصية
ويصر ميمران على القول: "أنا لست أذكى من أي شخص آخر، لأن مدى نجاحك يرتبط بمدى نجاح (شركتك) في الموسم المُنقضي. فبغض النظر عن حجم ما تعلمه، يمكن أن تبقى فاشلاً في مجالنا التجاري. هذا يُبقيك حصيفاً ومتزناً بشدة".
ويشكل هذا النهج ذو السمت المتواضع - الذي يتناقض مع الضراوة التي يُفترض أنها سمةٌ مميزةٌ للتنانين - مفتاحاً لنجاح ميمران، كما يقول جوزيف تاسوني، وهو مصمم أزياءٍ عَمِلَ عندما كان في الثامنة عشر من عمره فحسب مُصمماً مُبتدئاً لملابس الرجال في شركة "جوزيف ميمران وشركاه".
ويستطرد تاسوني قائلاً: "في بداية كل يوم عمل، يحيي جو - بل ويلقي بالسلام على الجميع حرفياً - من الكناس وحتى موظفي الإدارة العليا".
وأضاف بالقول إنه "يستمع إلى الأفكار، ويشجع الموهبة والإبداع والابتكار، ويدفعك إلى تحقيق رؤيتك وهدفك"، بل وربما إنجاز ما يفوق ذلك أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق