'عار'.. حياة أخرى في روسيا
03 مارس، 2019
فقراء روس بدون مأوى بمدينة سان بترسبيرغ - ارسل عبر وسائل التواصل
-----------------------
في روسيا 61 بالمئة "يشعرون بالعار من الفقر المزمن وعدم الأمان" في بلدهم، مقابل 56 في المئة عام 2015، وفق إحصاء مركز ليفادا المستقل.
كبار السن هم أكثر من يعاني الفقر في روسيا، وحين تدخل مقهى دوبرودوميك في سان بترسبيرغ، تجدهم يتجمعون حول وجبات طعام مجانية، تعينهم على صعوبات غلاء المعيشة.
مقهى دوبرودوميك بمدينة سان بترسبيرغ الروسيةورغم صعوبة التحرك في ثاني أكبر مدينة روسية بسبب الثلوج المتجمدة والمكدسة على أرصفتها، يبقى هذا المقهى مكتظا بالزوار.
وتلخص ريما أنتسيفيروفا البالغة من العمر 72 عاما الوضع بهذه الكلمات: "الأسعار تزيد يوما بعد يوم. لذا، فإن هذا المقهى فكرة جيدة جدا جدا".
ويبلغ معاش تقاعد هذه السيدة 10 آلاف روبل بالشهر أي ما يعادل 135 يورو أو 150 دولار. وبعد دفع الفواتير والأدوية، لا يبقى في جيبها سوى 40 يورو لاكمال الشهر.
وتضيف "في الآونة الأخيرة، ارتفعت أسعار النقل العام" ما فاقم المشكلة.
مسنة في مقهى دوبرودوميك بمدينة سان بترسبيرغ الروسيةفي المقهى يصدح صوت مغنية بالأناشيد السوفيتية، يرقص على أنغامها ثنائي أمام هؤلاء المتقاعدين وهم يتناولون وجباتهم المجانية..
سيدة الأعمال ألكسندرا سينياك وزوجها يفغيني غيرتشفيتش افتتحا مقهى دوبرودوميك هذا الشتاء في المدينة لـ"تقديم الشكر لكبار السنّ".
مقهى دوبرودوميك بمدينة سان بترسبيرغ الروسيةوفي المساء، يستقبل المقهى زوارا عاديين، فيما يفتح أبوابه في الأوقات الممتدة من الظهر حتى الساعة الرابعة بعد الظهر لنحو 300 مسن، غالبيتهم نساء، يأتون من زوايا المدينة لتناول وجبة ساخنة والاجتماع معا.
عبء مالي
وبعد النمو الذي عرفته روسيا في السنوات القليلة الماضية، بدأت القدرة الشرائية للروس بالانخفاض بشكل متواصل منذ خمس سنوات، ولم تتوقف هذه الظاهرة حتى بعد الانتعاش الاقتصادي الذي عرفته البلاد بعد كساد عامي 2015 و2016.
ولدى انتخابه لولاية رابعة منذ عام، تعهد فلاديمير بوتين بخفض مستوى الفقر المنتشر في البلاد إلى النصف.
لكن، سرعان ما أعلنت الحكومة الروسية رفع ضريبة القيمة المضافة وسن التقاعد الذي يعيشه المسنون بصعوبة وحرمان كبيرين.
ويؤكد المحلل الاقتصادي ومدير مركز التحليل الاستراتيجي "أف بي كاي غرانت ثورنتون" إيغور نيكولاييف أن "الوضع لم يكن أبدا صعبا كما الآن بالنسبة للسكان"، متابعا أن "العبء الاقتصادي يثقل كاهل الناس يوما بعد يوم في كل المجالات".
وبدأ قلق السكان من هذه الحالة يظهر في استطلاعات الرأي في هذا البلد الذي لا يكاد متوسط معاشات التقاعد فيه يبلغ 200 يورو. بمدينة
وحسب مركز ليفادا المستقل للاحصاء فقد تتجاوزت نسبة الروس المتشائمين من الوضع في بلدهم (45 في المئة)، نسبة أولئك المتفائلين للمرة الأولى منذ أواخر عام 2013.
وانخفضت شعبية بوتين إلى 64 بالمئة في كانون الثاني/يناير وهو أدنى مستوى منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، بعدما بلغت نحو 80 بالمئة منذ عام، وحافظت على مستوى مرتفع في السنوات الماضية.
فقراء روس بدون مأوى بمدينة سان بترسبيرغبوتين يفرج عن مساعدات
يقول مدير مركز ليفادا ليف غودكوف إن "الاستياء وصل إلى الأقاليم" التي عادة ما تكون أكثر تأييدا ووفاء للسلطة.
وبحسب غودكوف فإن الاستياء "مرتبط برفض الدولة تقديم منح اجتماعية واستخدام التمويلات الموجهة أصلا للسكان في مشاريع جيوسياسية، بالإضافة إلى انخفاض قيمة المداخيل الحقيقية".
وانخفضت المداخيل الحقيقية بنسب تتراوح بين 11 و14 بالمئة منذ عام 2014 لدى ضم شبه جزيرة القرم، بحسب غودكوف، الذي وصف الحالة بأنها "قاسية على أصحاب المداخيل المتوسطة".
وفي خطابه أمام البرلمان في منتصف شباط/فبراير الماضي، أعرب بوتين عن قلقه ازاء الفقر الذي يلامس 19 مليون شخص تقريبا. حاول بوتين تخفيف الضغط بتقديم منح اجتماعية بقيمة 1.3 مليار يورو. وتعهد للروس بأن الوضع سيتحسن "ابتداء من هذا العام".
مقهى دوبرودوميك بمدينة سان بترسبيرغلكن على المدى القصير، يجد الروس أن أسعار المواد الغذائية ترتفع بسرعة مع رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة من 18 إلى 20 بالمئة في الأول من كانون الثاني/يناير.
وتصاعدت نسبة التضخم إلى 5 بالمئة الشهر الماضي، وذلك خلال عام واحد فقط، وبلغت 7.3 بالمئة للفواكه والخضار.
فقراء روس بدون مأوى بمدينة سان بترسبيرغوتسأل غالينا ميخالينا في مقهى دوبرودوميك مشيرة إلى المتقاعدين الذين يستفيدون مثلها من الوجبات المجانية، "انظروا حولكم، هؤلاء الأشخاص لا يبدو عليهم أنهم مهمشون؟".
ميخالينا عمرها 73 عاما، مهندسة سابقة راتبها التقاعدي يبلغ 12 ألف روبل أي 160 يورو.
ورغم زيادة راتبها بألف روبل منذ مدة قصيرة، فأن ميخالينا تقول إن "الأسعار ترتفع أسرع بمرتين أو ثلاث مرات".
مقهى دوبرودوميك بمدينة سان بترسبيرغ الروسيةوتتابع بمرارة "من المحزن أن تعمل طول حياتك لتصل في النهاية إلى مرحلة تسعد بها بالطعام المجاني".
وتقول إنها تتردد "أحيانا بشراء الخبز"، مضيفة "لجيلنا عقلية خاصة، لا أشعر بالراحة بتناول الطعام المجاني. أفضل العطاء لا الأخذ، لكن هذه هي الحياة"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق