أكد خبراء في القطاع المالي أن تعافي أنشطة البنوك المغربية داخليا انعكس بشكل ملحوظ هذا العام على مصادر النمو الواعدة لفروعها في القارة الأفريقية نظرا لحجم الطلب المتزايد على جميع أنواع الخدمات المالية بفضل الأسس المدروسة التي بدأت في اتباعها.
الرباط – ساهمت عودة الانتعاش لخدمات تقديم القروض المالية وتمويل الأنشطة الاقتصادية بفروع البنوك المغربية في أفريقيا في تحقيق نتائج إيجابية خلال النصف الأول من العام الجاري.
ويقول خبراء القطاع المالي إن النمو المتسارع لاستثمارات البنوك المغربية في أفريقيا مكنها من تعزيز مكانتها في السنوات الأخيرة وترسيخ جذورها خاصة في بلدان غرب أفريقيا من خلال التركيز على الخدمات المالية والبناء والقطاعات المنتجة.
وتظهر بيانات عمليات فروع مجموعة البنك الشعبي والتجاري وفا بنك بالقارة خلال الأشهر الستة الأولى أنها نمت بثبات في ظل السياسات المالية الجديدة التي يتبعها البنكان لتعزيز حضورها في أفريقيا.
وارتفعت أرباح البنك الشعبي من فروعه في أفريقيا بنحو 10 بالمئة لتصل إلى 855 مليون دولار بمقارنة سنوية.
وقال محمد بنشعبون الرئيس التنفيذي للبنك في مؤتمر صحافي مؤخرا إن “أنشطة البنك في دول أفريقيا شهدت نموا كبيرا، تمثل في العائد الصافي، مع مواصلتها لتوسيع أنشطتها في القارة الأفريقية من خلال الاستحواذ على عدد من المصارف”.
وواصل البنك الشعبي العمل على الرفع من الإدماج المالي بدول أفريقيا جنوب الصحراء حيث استحوذ في يوليو الماضي على 69.5 بالمئة من رأسمال البنك الدولي لأفريقيا في النيجر.
وأكد مسؤولو البنك أن هذه العملية التي تندرج في إطار استراتيجيتها للتطور على المستوى الدولي وتعزيز شبكتها الأفريقية، ستمكنها من الارتقاء إلى مستوى أول مجموعة بنكية في النيجر.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها في أفريقيا، أصدرت المجموعة السندات الخضراء باليورو في يونيو الماضي. ويطلق هذا الاسم على السندات التي ترتبط بالاستثمارات الصديقة للبيئة.
وحصل البنك على تمويلات بقيمة 135 مليون يورو من مؤسسة التمويل الدولية ومؤسسة بروباركو التابعة للوكالة الفرنسية للتنمية بأجل استحقاق لمدة عشر سنوات من أجل تمويل مشاريع الطاقة المتجددة في المغرب.
محمد بنشعبون: نمو أنشطة البنك الشعبي في قارة أفريقيا يشجعنا على المزيد من التوسع
ويقول اقتصاديون لـ”العرب” إن البنك ينافس مصارف مغربية وأفريقية من أجل ترسيخ تواجده في دول غرب القارة ومنها الكوت ديفوار. وأكدوا أن البنك لا يعتمد في استراتيجيته التوسعية فقط على المشاريع الكبرى بل انفتح أيضا على تمويل المشروعات الصغيرة.
ودخل وفا بنك على خط المنافسة كذلك حيث كشف عن أرباح صافية قدرت قيمتها بنحو 641 مليون دولار، بزيادة قدرها 5.4 بالمئة بمقارنة سنوية.
وحسب بيانات المجموعة المغربية، عزز البنك موقعه كأكبر ممول للاقتصاد المحلي في النصف الأول من العام الجاري بإجمالي قروض ناهزت 30 مليون دولار بمقارنة بنحو 28 مليون دولار بمقارنة سنوية.
وكان نصيب فروع البنك في أفريقيا قرابة 24 بالمئة من القروض الممنوحة في تلك الفترة، ما يعني أن هناك توجها متصاعدا لتعزيز أعماله في الخارج. وسجل فرع البنك في مصر نموا ملحوظا معتمدا على مخطط استراتيجي معروف بـ“طاقات 2020”، يتسم بتنويع العروض والتحكم في نسبة المخاطر.
وبلغت أعمال البنك نحو 70.7 مليون دولار، فيما وصلت أرباح البنك إلى نحو 282 مليون دولار منذ بداية يناير وحتى نهاية يونيو الماضيين.
وقال محمد الكتاني، الرئيس التنفيذي للتجاري وفا بنك، إن “الفرع المصري للمجموعة تمكن من تحقيق نتائج مالية إيجابية في النصف الأول من العام الجاري، في ظل زيادة الطلب على القروض”.
وكانت المجموعة قد وقعت مذكرة تفاهم مع مجموعة “سوميتومو” أوروبا المحدودة، يلتزم بموجبها الطرفان بتطوير شراكة طويلة الأمد تهم عمليات واسعة النطاق بأفريقيا. وبموجب الاتفاقية سيقوم البنك المغربي بتمويل مشاريع في قطاعات السيارات والبنيات التحتية والصناعة الكيميائية وقطاعي المعادن والزراعة على الصعيدين المحلي والأفريقي.
وعبر أبوبكر الجاي المدير العام لوفا بنك عن تفاؤله بهذه الشراكة كونها تشكل فرصة سانحة للطرفين من أجل العمل معا في أفريقيا وتفتح آفاقا واعدة بالنسبة لـ”سوميتومو” من أجل تطوير استثماراتها وتدفقاتها التجارية بدعم من مجموعة التجاري وفا بنك.
وقال إيكاري داتا، المدير العام المكلف بتطوير الأعمال في “سوميتومو” أوروبا المحدودة، التابعة للمجموعة اليابانية الأم إن المجموعة “قررت توقيع هذا الاتفاق مع مجموعة التجاري وفا بنك من أجل مواكبة حضورها وعملياتها على صعيد القارة”. وشدد على أن الشراكة ستمكن المجموعة اليابانية من الاستفادة من شبكة وخبرة البنك المغربي الذي “يعتبر مجموعة مالية أفريقية مندمجة وقادرة على دعم استراتيجيتنا الإقليمية الجديدة في الدول التي تعمل بها المجموعة”.
وأشار التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي مؤخرا إلى أن أفريقيا توفر فرصا حقيقية للمغرب قابلة للاستغلال على المستوى الاقتصادي.
وأوضح خبراء مغاربة أعدوا التقرير أن العلاقات المغربية الأفريقية خيار استراتيجي يمكن أن تنتج عنه آثار إيجابية على مستوى النمو وعائدات التصدير والاستثمار والتموقع كقطب مالي في المستقبل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق