محمد العريان يكتب: احذروا من عواقب النمو الضعيف غير الشامل!

. . ليست هناك تعليقات:



من المؤسف أن الفشل المستمر والمطول فى تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولية أصبح سمة مميزة فى الاقتصادات المتقدمة فى العقد الأخير، وتمتد الآثار الضارة لذلك وراء الاقتصادات والتمويل، إلى عواقب مؤسسية وسياسية واجتماعية أكثر قلقاً.
وهذه الفترة غير الاعتيادية علمتنا 5 دروس مهمة أولها ان الاقتصادات المتقدمة لا تواجه رياح معاكسة دورية فحسب وإنما أيضا مشكلات كبيرة هيكلية وممتدة منذ وقت طويل، وعلاوة على ذلك، وفى ظل غياب الشعور بحالة الطوارئ، تعيق الصعوبات، التى تواجهها الديمقراطيات الليبرالية عند السعى ورراء الإصلاحات الهيكلية، الاستجابة السياسية المطلوبة.
كما تتسم جميع الإصلاحات الهيكلية بأن تكاليفها فورية بينما فوائدها تأتى مع الوقت.
أما الدرس الثانى هو ان الأمر يستغرق وقتاً طويلاً بشكل مؤلم حتى تتغير طريقة تفكير صناع السياسة والأكاديميين والنماذج والمناهج، رغم الأدلة الكاسحة على الأرض التى تدعو إلى ضرورة هذا التغيير.
وأكثر الأمور تدميراً فى هذا الشأن هو مقاومة فكرة ان الاقتصادات المتقدمة يمكن – بل ينبغى عليها فى مسعاها لتحقيق نمو أعلى واكثر شمولية يمتد إلى وراء الاعتبارات الدورية ليشمل العوامل الهيكلية أيضاً – أن تستخلص دروساً من خبرة الدول المتقدمة الأخرى.
وحتى اليوم، لا يفهم الاقتصاديون بشكل جيد ما الذى يتسبب فى السلوك غير المعتاد وغير المتوقع للإنتاجية والاستثمار وتحديد الأجور.
والثالث، تبين أن النمو المنخفض وغير الشمولى بقدر كافٍ ينطوى على مجموعة من العواقب غير السارة:
فاقتصادياً، لا يؤدى هذا الضعف إلى ضياع نمو اليوم فحسب، وإنما يزيد الضغوط الهبوطية على النمو فى المستقبل، وبالتالى الرخاء المستقبلى.
ومؤسسيا، يغذى النمو الضعيف تآكل الثقة وفقدان الإيمان بـ «آراء الخبراء»، ويزيد الضغط فى نفس الوقت على مؤسسات قليلة (البنوك المركزية) قادرة على الاستجابة رغم استخدامها أدوات غير مناسبة.
وماليا، تشترى التجارب السياسية الناتجة – مثل أسعار الفائدة شديدة الانخفاض والسلبية فى أوروبا – الوقت، ولكنها لا تفعل الكثير للتعامل مع المشكلات الهيكلية، وفى نفس الوقت، فإن استخدام هذه الأدوات لفترة طويلة ينتج عنه سوء تخصيص للموارد، ويهدد بأضرار جانبية وعواقب غير مقصودة على المدى البعيد، واجتماعياً، يشعر عدد متزايد من الأشخاص بخليط من التضليل، والتهميش، والغضب.
رابعاً، اتضح أن العواقب لا تقتصر فقد على المستوى المحلى وإنما على المستوى الإقليمى والعالمى، فالأماكن التى تعانى من نمو منخفض وغير شامل تضغط بشكل كبير على البنيات الاقتصادية والمالية الإقليمية والعالمية، ما يزيد من مخاطر التفكك نتيجة فقدان المزيد من المشاركين الثقة فى العقود الضمنية التى تجمعهم.
وهذا الأمر لا يقتصر على خروج بريطانيا، والأهم من ذلك التحديات التى تواجه الاتحاد الأوروبى ومنطقة اليورو، وإنما أيضاً النظام الدولى الذى يعطى امتيازات للدول المتقدمة ويتوقع فى المقابل إدارتها المسئولة للنظام.
وتصدر الدول المتقدمة عملات الاحتياطى الأجنبى وتتلقى فى المقابل البضائع والخدمات التى تنتجها الدول الأخرى، كما أن لديها القوة الفعلية فى المؤسسات متعددة الجنسيات، ولكن الجانب الآخر من هذه المعادلة وهو الإدارة المسئولة تأثرت بالسلب بسبب الأزمة المالية العالمية التى نشأت فى الغرب، بجانب الأزمات الأوروبية المتكررة، والاستجابة السياسية غير المتوازنة التى تعتمد بشدة على البنوك المركزية، ومؤخراً الخطاب المناهض للأقلمة والعولمة.
وبدون وجود نظام يتكون من الدول المتقدمة الأصغر والعالم المتقدم والذى يكون قادراً وراغباً فى تغيير البنية العالمية المعيبة، سيزداد الميل لتجاوز الغرب المتقدم وتقليل الاعتماد عليه، وهو ما ظهر مؤخراً فى تأسيس بنك الاستثمار فى البنية التحتية الآسيوية، وبنك التنمية الجديد، ومبادرة حزام واحد / طريق واحد.
ونأمل أن ينتهى المطاف بهذه المجهودات بأن تعيد تنظيم وإنعاش النظام العالمى، أما الخطورة أن تؤدى إلى تقسيم العالم.
خامساً، وربما الأكثر إثارة للدهشة هو أن الأسواق المالية أصبحت أكثر ارتياحاً لعدم اليقين والميوعة العالمية الخالية، وربما هذا ناتج عن توافر السيولة و3 معتقدات سائدة فى السوق وهى أن النمو رغم ضعفه، فإنه مستقر نسبيا وبالتالى متوقع، والثانى أن البنوك المركزية سوف تظل قادرة على قمع التقلبات، والثالث أن السيولة الهائلة فى ميزانيات الشركات سوف تجد طريقها إلى السوق فى النهاية.
واجتماع هذه الأشياء يؤدى إلى المزيد من الهشاشة وعدم الاستقرار فى معادلة النمو المنخفض.
وكلما تأخرت الاقتصادات المتقدمة فى تحقيق نمو أعلى وأكثر شمولية، ازدات مخاطر تضمن مستقبلهم لفترات ركود مكلفة، ما سوف يزعزع الاستقرار المالى، ويزيد التشوش السياسى.
ولحسن الحظ وكما فصلت فى مقالاتى السابقة، فإن ما يعيقنا ليس مشكلة إدارة للاقتصاد، وبالفعل بدأت العناصر الأربعة الرئيسية (اقتراحات قدمها كاتب المقال لحل أزمة النمو الضعيف) تلقى قبولاً أوسع.
وأصبح الأمر يتعلق حالياً وأكثر من أى وقت مضى بالتطبيق السياسى، وينفد الوقت من النخبة السياسية العالمية، لكى تعزز مسئوليات الحوكمة الاقتصادية الخاصة بها.
إعداد: رحمة عبدالعزيز المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

الدانة نيوز - احدث الاخبار

صفحة المقالات لابرز الكتاب

. ... السيدة العربية

اخر اخبار الشبكة الاعلامية الرئيسية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

الاكثر قراءة

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

اخر المواضيع - شبكة الدانة نيوز الرئيسية

صفحتنا على فيسبوك

سلايدر الصور الرئيسي

?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

السلايدر المتحرك الرئيسي مهم دا

حقوق الطبع والنشر محفوظة لمؤسسة نيوسيرفيس سنتر للاعلام والعلاقات العامة . يتم التشغيل بواسطة Blogger.