مصر تدعم اقتصادها بحزم تمويل بـ13 مليار دولار.. السندات تضيف للقاهرة 5 مليارات.. صندوق النقد يثق فى القاهرة ويمنحها 8 مليارات.. خبراء: التمويلات تهدف لمواجهة كورونا وسد عجز الموازنة وتقوية العملة المحلية
مع تراجع الاحتياطى الدولارى لمصر إلى 37 مليار دولار، نتيجة سد القاهرة التزاماتها الدولية، وتوفير احتياجات البلاد من العملة الصعبة، سواء للاستيراد أو تمويل احتياجات الشركات المحلية والدولية العاملة فى مصر، اتجهت القاهرة لدعم الاحتياطى من العملة الصعبة، عبر اللجوء إلى تمويل من المؤسسات الدولية، إذ طرحت قرابة 5 مليارات دولار من السندات الدولية، والحصول على قرض 2.77 مليار دولار، و أخيرا 5.2 مليار كعقد ائتمانى مع صندوق النقد.
وخلال مايو 2020، نجحت مصر ممثلة في وزارة المالية في العودة إلى سوق السندات الدولية وبقوة بأكبر طرح ، وذلك على الرغم من الظروف الاستثنائية التى يشهدها العالم وأسواق المال مؤخرا بسبب تداعيات جائحة كورونا Covid-19، حيث استطاعت وزارة المالية تنفيذ وبنجاح أكبر إصدار دولى للسندات الدولية تقوم به جمهورية مصر العربية بقيمة 5 مليارات دولار على ثلاث شرائح ( 4 -12- 30 سنة) وبقيم مصدرة تبلغ 1.25 مليار دولار، و 1.75 مليار دولار، و 2 مليار دولار على التوالي وبأسعار عائد جيدة جدًا فى ضوء التقلبات التى تشهدها أسواق المال العالمية مؤخراً وارتفاع درجة المخاطر وعدم اليقين من قبل المستثمرين.
وخلال نفس الشهر، وافق صندوق النقد الدولي على إقراض مصر نحو 2.8 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 100% من حصتها وفقا لأداة التمويل السريع، والتي تستهدف التعامل مع الصدمة الناتجة عن فيروس كورونا المستحدث.
وأعلنت وزارة المالية، عن نجاح السلطات المصرية وفريق صندوق النقد الدولى فى الوصول إلى اتفاق على مستوى الخبراء اليوم الجمعة، حول عقد اتفاق ائتمانى لمدة 12 شهرا وبقيمة 5.2 مليار دولار، وهو الاتفاق الذى يمهد للعرض على المجلس التنفيذى للصندوق للحصول على موافقتة النهائية على الاتفاق وقيمة التمويل المطلوبة، ويؤكد الإعلان عن هذا الاتفاق استمرار ثقة المؤسسات الدولية وخاصا صندوق النقد الدولى فى السياسات الاقتصادية بشقيها النقدى والمالى المتبعة من قبل السلطات المصرية وفى تعامل الدولة المصرية مع تبعات جائحة كورونا.
وقالت الوزارة، في بيان، الجمعة 5 يونيو، إن هذا الاتفاق والتمويل المصاحب له في هذه المرحلة أمراً هاماً لاستمرار دعم ثقة الاسواق والمستثمرين فى قدرة وصلابة الاقتصاد المصرى على التعامل مع آثار أزمة جاءحة كورونا والتعافي من آثارها إلى جانب الحفاظ على المكتسبات والنتائج الإيجابية التي تحققت خلال السنوات الأخيرة بسبب تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي المصرى الوطنى، والذي أشادت به جميع المؤسسات الدولية، وأثبتت سياسات ذلك البرنامج الاقتصادي الإصلاحى خاصة الاصلاحات النقدية والمالية المتبعة صحة رؤية الدولة المصرية فى هذا الشان وهو ساهم فى تحقيق خفض كبير فى معدلات التصخم السنوية، وتكوين احتياطيات دولية من النقد الأجنبى كبيرة ومطمئنة، وزيادة صلابة وقوة القطاع المالى والمصرفى، وتحقيق تحسن كبير فى مؤشرات المالية والمديونية وأهمها تحقيق فائض أولى بالموزانة العامة قدره 2% من الناتج المحلى وخفض معدلات المديونية لتصل إلى 90% من الناتج المحلى فى يونيو 2019.
وذكرت: وأدى تحسن الأوضاع الاقتصادية للبلاد فى تعزيز قدرة السلطات المصرية على التعامل بإيجابية وسرعة مع الأزمات والصدمات الاستثنائية واضطرابات الأسواق العالمية التي أصبحت سمة السنوات الأخيرة، وانعكست تلك الأوضاع إيجابياً أيضا على تقييم المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري وأحدثها مؤسسة ستاندرد أند بورز والتى أبقت على تصنيف مصر الائتماني عند مستوى B مع نظرة مستقبلية مستقرة مقارنة بعشرات الدول حول العالم التي تم تخفيض تصنيفها الائتماني.
ومع التوقعات بتراجعات فى الاقتصاد العالمى بصورة كبيرة جراء جائحة كورونا، لتشمل هذه الانخفاضات دولا ذات اقتصاد ضخم، حيث غيرت مؤسسات التصنيف الدولية نظرتها المستقلبية لهذه الاقتصاديات وحولتها من مستقرة إلى سلبية، لكن اقتصاد مصر لا يزال صامدا رغم الأزمة الحالية، وذلك على خلفية الإصلاحات الاقتصادية التى قادها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ عام 2016، والتى جعلت اقتصاد القاهرة أكثر قدرة على تحمل الصدمات.
ويرى الدكتور خالد الشافعى رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية أن الفضل فى صمود الاقتصاد المصرى حتى الآن فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا، يعود إلى برنامج مصر الإصلاحى16، والذى خلق وفرا أوليا فى الموازنة، وعالج الاختلالات فى قطاعات اقتصادية مختلفة، وحقق خفض فى معدلات الدين ، إضافة إلى تحقيق زيادات غير مسبوقة فى الاحتياطى النقدى وصلت إلى 45 مليار دولار، قبل تراجعه لـ 37 مليار جراء جائحة كورونا، وذلك لتغطية تراجع استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية وكذلك لضمان استيراد سلع إستراتيجية، بالإضافة إلي سداد الالتزامات الدولية على مصر.
أوضح ل "اليوم السابع" أن الحفاظ على استقرار الجنية المصرى أمام العملات الاجنبية هو ضمن الأسباب في الحصول على تمويل جديد، وكذلك تراجع الاحتياطي النقدي لمصر إلي 37 مليار دولار فإن ذلك يتطلب تدخل لدعم احتياطات البلاد وتوفير استقرار للعملة المحلية في ظل تراجع كبير في أداء طافة الاقتصادات العالمية الأمر الذي يضع الاقتصاد المصرى فى اختبار حقيقي لابد من تجاوزه.
وتابع، أن الاقتصاد المصرى استطاع أن يواجهة تداعيات فيروس كورونا و الدولة توكد على خلق التوازن بين العملية الانتخابية وحياة الموطنين، لأن الحكومة اتخذت خطوات هى بمثابة انقاذ للاقتصاد الوطنى فى الازمة الحالية التى يمر بها العالم كله، وذلك لعلاج أكثر من خلل اقتصادي ناتج عن انتشار فيروس كورونا وتأثيره على حركة النمو فى العالم كله، بل وضرب حركة التجارة فى مقتل وتأثير على البورصات.
واستطرد أن أبرز القرارات التى نقف اماماها إسقاط الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية لمدة 6 أشهر وتأجيل سداد كافة المستحقات على المنشآت السياحية والفندقية لمدة 3 أشهر دون غرامات أو فوائد تأخيروهو ما يعطى فرصة للشركات السياحية للتعامل الجيد مع الازمة، وهذا من شأنه يوقف أى مساعى لتسريح العمالة فى القطاع السياحى والحد من خسائره بسبب تضرر 90% من حركة السياحة.
وأشار إلي أن إجراءات البنك المركزي بخفض الفائدة 3% وهذا القرار يدعم توجه الشركات التي تسعي إلي التوسعات الاستثمارية الجديدة خاصة أن الفائدة بوضعها القديم كان غير محفز للاقتراض بهدف زيادة النشاط الاستثماري، وكذلك ازالة الشركات والافراد من القوائم السلبية كلها محفزات للانشطة المختلفة فى ظل التعثر فى النشاط الاقتصادى
وأكد أن الإجراءات الحكومية التى قامت بها الدولة ستخفف من الآثار السلبية لهذا الوضع، كما أن تقسيط ضريبة الإقرارات الضريبية على الشركات والمنشآت المتضررة من الازمة على 3 أقساط تنتهي في 30 يونيو من العام الجاري، وتأجيل سداد وتقسيط الضريبة العقارية على تلك الشركات والمنشآت لمدة 3 أشهر، مع عدم احتساب أي غرامات أو فوائد تأخير على المبالغ المؤجلة أو المقسطة خلال تلك الفترة، اجراءات حقيقية وتعبر عن قيادة اقتصادية رشيدة للمرحلة الصعبة التى يمر بها اقتصاد العالم ككل .
بدوره يرى الدكتور على الادريسى أستاذ الاقتصاد، أن ثقة المؤسسات الدولية فى اقتصاد القاهرة، تدفع الجهات المانحة والممولة فى الموافقة على اقراض القاهرة، لافتا إلى أن التوقعات تؤكد أن مصر الدولة العربية الوحيدة التي تحقق نموا اقتصاديا خلال 2020 في ظل تداعيات انتشار فيروس «كورونا»، فى ظل الإجراءات التي اتخذتها مصر للحد من آثار جائحة فيروس «كورونا» المستجد والتى تراها المؤسسات الدولية بالـ«حاسمة».
وذكر صندوق النقد عبر مديره لدائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور- في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط- أن حزمة الـ100 مليار جنيه التي أعلنت عنها الحكومة المصرية لدعم الاقتصاد خففت من تداعيات فيروس كورونا وجعلت الاقتصاد أكثر قوة في مواجهة الفيروس العالمي، كما أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي المصري من خلال تخفيض كبير وغير متوقع لسعر الفائدة بواقع 3% وضمان توافر سيولة كافية ساعدت على تحفيز الاقتصاد.
وأشار إلى أن البنك المركزي المصري سلك أكثر من اتجاه لمنع إعطاء أي فرصة لتغلغل تداعيات كورونا السلبية بقوة إلى الاقتصاد، حيث اتخذ العديد من التدابير الأخرى مثل وضع حد للسحب اليومي والإيداع لتجنب الضغط على سوق العملة، وكذلك شهادات ذات عائد الـ15% التي توفرها البنوك الحكومية، فضلا عن تدابير اسقاط الديون وتأجيل سداد أقساط القروض وإلغاء القوائم السلبية لعملاء البنوك، بجانب العديد من المبادرات لدعم القطاع الخاص والسياحة والقطاع العقاري والمشروعات الصغيرة، كل ذلك خلق رواجا وساعد على تعزيز معدلات السيولة داخل الاقتصاد.
وأكد أزعور أن سعر الصرف المرن الذي يطبقه المركزي المصري ومستوى الاحتياطي القوي الذي نجح المركزي في تكوينه، تجاوز 45 مليار دولار لأول مرة في تاريخه، وفر حماية كبيرة للاقتصاد المصري أمام الصدمات الخارجية في ظل الإنكماش العالمي الحالي.
ونبه المسؤول الدولي إلى أنه يكفي أن مصر من الدول القلائل بين دول الاقتصادات الناشئة التي لم تطلب مساعدات لدعم جهودها في مواجهة تفشي «كورونا» مقارنة بأكثر من 35 دولة بينها دول كانت تتميز بإقتصادات قوية طلبت دعما نقديا مباشرا من صندوق النقد الذي ضاعف مخصصه لدعم الدول من 50 مليار دولار إلى 100 مليار دولار، مشيرا إلى أن عدم طلب لمصر مساعدات يؤكد نجاح برنامجها للاصلاح الاقتصادي الذي بدأته عام 2016 في تمكينها من تحمل الضغوطات الخارجية مدعوما بغطاء احتياطي نقدي قوي وقطاع مصرفي متمكن وفاعل.
ويتوقع فيه صندوق النقد الدولي حدوث انكماش في الاقتصاد العالمي بنسبة 3 % خلال العام الجاري بسبب «جائحة كورونا» وتوقعات بنك جولدن ماس ساكس بتراجع نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 11 % على مدار العام وبنسبة 35 % خلال الربع الثاني من العام، وتوقعات مؤسسة ستاندرد أند بورز انكماشا للاقتصاد الامريكي بنسبة 5.2 في المائة ولدول الاتحاد الاوروبي بـ 7.3 في المائة، نجد أن توقعات النمو للاقتصاد المصري أكثر تفاؤلا حيث توقع صندوق النقد الدولي تحقيق اقتصاد مصر نموا موجبا بنسبة 2 في % هذا العام 2.8 في المائة العام المقبل، فيما تشير توقعات وزارة التخطيط تحقيق أكثر من 4 % كمعدل نمو موجب.
فى ذات السياق، أعلنت مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتمانى، تثبيت درجة التصنيف السيادى للاقتصاد المصرى عند مستوى B/B على المدى الطويل الأجل والقصير الأجل مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة.
قرار تثبت التصنيف يعكس أيضًا تقييم خبراء ومحللي المؤسسة الإيجابي للسياسات الاقتصادية والمالية المتوازنة التي تنتهجها الحكومة في التعامل مع الأزمة، وقد تم الإشادة من قبل مؤسسة "ستاندرد آند بورز" باحتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي وقدرته على تغطية نحو من 5 إلى 6 أشهر من كل الواردات السلعية والخدمية للبلاد. فضلاً عن جهود الحكومة في مجال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية مثل برنامج مساندة الصادرات، وتحسين آليات تخصيص الأراضي الصناعية، وقانون المشتريات الحكومية الموحد، واستكمال برنامج «الطروحات العامة» مما يساعد في سرعة عودة النشاط الاقتصادي المدعوم من خلال القطاع الخاص في المدى المتوسط.
مؤسسات التصنيف الائتماني منذ أول شهر مارس 2020 وحتى الآن، أجرت تعديلات في تقييمها وتصنيفها الائتماني نحو 47 دولة، حيث قامت بتخفيض التصنيف الائتماني، وأجرت تعديلًا سلبيًا على التصنيف لأكثر من 35 دولة. وأن 11٪ من هذه الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينما تم الإبقاء على التصنيف الائتماني لـ 12 دولة فقط بينها مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق