آدم سميث أوَّل من بحث في التوازن الاقتصادي

. . ليست هناك تعليقات:



يُعد آدم سميث أوَّل من بحث في التوازن الاقتصادي إذ كان الهدف من كتابه «ثروة الأمم» تحليل التوازن الاقتصادي العام. وكان يغلب على النظرية الاقتصادية التقليدية إيمان بالتوازن التلقائي الساكن القائم على آلية أتوماتيكية لتحركات الأسعار والأجور بمرونة تامة.

 وقد جاءت فكرة التوازن الساكن إلى الفكر الاقتصادي منذ قرنين من الزمن لتطبع، منذ ذلك الحين، مختلف المفهومات المتعلقة بالعلوم الاقتصادية. ويمكن إرجاع ذلك إلى ما كان يغلب على النظريات الاقتصادية التقليدية من طابع «السكون والاستقرار» ومن «التلقائية والحتمية» ومن «تجربة الظواهر الاقتصادية وعزلها بعضها عن بعض في محاولة الكشف عن العوامل والفرضيات التي تعمل على التوازن الساكن». 

ولكن سرعان ما أثبتت أحداث التجربة التاريخية بُعد هذا التطور النظري عن الواقع الفعلي. فقد تعرضت اقتصاديات الدول الصناعية، منذ نهاية القرن الثامن عشر، إلى تقلبات واختلال في التوازن أصر اتباع المدرسة التقليدية بادىء الأمر على النظر إليه على أنه اختلال آني مؤقت. ولكن النتائج الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذا الاختلال من جهة، وردود الفعل المثارة على الحرية الاقتصادية من جهة ثانية دفعت بعض الاقتصاديين التقليديين المحدثين إلى استقراء الأحداث وبناء نظرية علمية للتوازن العام.

 فقد توصلت المدرسة الهامشية (مدرسة لوزان) مع ليون والراس Léon Walras ت(1834-1910) وتلميذه فلڤردو پاريتو Vilfredo Pareto ت(1848-1923) إلى صياغة نموذج رياضي للتوازن العام يقوم على التوفيق بين مفهومين: مفهوم العلاقات المتبادلة لمختلف الظاهرات في نظام اقتصادي معين، ومفهوم التوازن العام لهذا النظام. 

وقد انطلقا من المبدأ القائل «بأن القيم الاقتصادية تتحدد بصورة متبادلة لأن هناك تبعية متبادلة عامة بين أسواق المنتجات وأسواق الخدمات المنتجة». وقد أقام هذان الاقتصاديان بالاستناد إلى ظاهرة التبعية المتبادلة هذه فكرة التوازن الساكن، إذ «تكافىء بعض القوى بصورة آلية التجاوزات وتحاول إعادة الوضع السابق». 

ويظهر «والراس» مثل هذا التوازن بوساطة مخطط اقتصادي مهد باستعماله لاستعمال جداول التبادل بين القطاعات المستخدمة من كثير من الدول اليوم. ويفترض هذا المخطط المقدم من «والرس» و«باريتو» التطبيق الكامل لقواعد المنافسة التامة. يضاف إلى أنهما لا يأخذان العامل النقدي بالحسبان لأن النقد في نظر هذين الاقتصاديين ومن سبقهما من المدرسة التقليدية هو قطاع ثانوي يستحسن استبعاده عن التحليل النظري.

وبعد أن غلبت نظرية التوازن العام في التحليل الاقتصادي طوال عشرات السنين، بدأت تتعرض منذ المرحلة التي سبقت الحرب العالمية الثانية إلى انتقادات حادة انصبت بوجه خاص على مخالفة النظرية للواقع الفعلي، ثم لم يعد من خلاف حول هذا الموضوع في تلك المرحلة بعد أن أجمع معظم الباحثين على ضرورة إحلال فكرة التوازن الحركي المتجدد محل فكرة التوازن الساكن المستقر.

 ولم تقتصر الطعون الناقدة على تناول مفهوم التوازن ذاته بوصفه مفهوماً نظرياً مخالفاً للواقع الفعلي فحسب بل امتدت الانتقادات إلى المنطق الداخلي الذي تقوم عليه النظرية. وكان من النتائج الإيجابية لهذه الانتقادات إسراع أتباع نظرية التوازن إلى بناء نظرية التوازن العام الديناميكي بإدخال متحول «الزمن» في معادلات التوازن.

جدد جون مينارد كينز John Maynard Keynes ت(1883-1946) نظرية التوازن بأن وضع في صلب تفكيره العمالة الكاملة التي لم تستأثر باهتمام «والراس» و«باريتو» اللذين كانا يعتقدان أن للأجر دور المنظم في سوق العمل (فعندما تزداد القوى العاملة يتيح انخفاض الأجور الاسمي الحفاظ على العمالة الكاملة). 

ومن جهة أخرى فقد خص التحليل الكينزي الزمن بالأهمية وعدّه أحد العناصر المجهولة من الاقتصاديين التقليديين الجدد، وفي رأي كينز أن أصحاب المشروعات يقومون بالاستثمار استناداً إلى توقعاتهم لحجم الطلب في المستقبل فهو يدرس تصرف الوحدات الاقتصادية طوال تلك المدة، وليس في وقت محدد، كما تكمن أهمية هذه الطريقة في إيجاد الحالات التي يظهر فيها تأثير هذا العامل في السياسات الاقتصادية.

إن كينز برفضه فكرة «التوازن التلقائي» يقبل بإقامة توازن نهائي، إذ تطرأ تعديلات جذرية على العلاقات بين الادخار والاستثمار. وبرفضه فكرة «الادخار المسبق الضروري لانطلاق الاستثمار» يؤكد بالفعل وجود التوازن اللاحق للاستثمار والادخار. ولم يعد يتوقف التوازن في هذا المنظار على تصحيح الأسعار إنما على تبدلات الدخل. فإن جميع التوازنات ممكنة (السَّيِّء منها والجيد) في نظر كينز والتوازن المنشود هو ذلك الذي يؤدي إلى العمالة الكاملة التي يمكن التوصل إليها بوساطة مستوى مرتفع للاستثمار الذي يتحدد بموجبه الناتج القومي والادخار.

ثم ألحق بمفهوم التوازن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إضافات ملموسة لقيت استحساناً في السياسات الاقتصادية لدول أوربة الغربية، فقد ضمن تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية تحقيق حجم كاف من الاستثمار. وأضاف الذين استكملوا أعمال كينز ولاسيما الاقتصادي بول سامويلسون Paul A.Samuelson إلى التوازن الاقتصادي الإجمالي إسهاماً، هو أكثر من إضافة شكلية، عن طريق تحديد أدق لمفهوم الاستثمار، وعن طريق التمسك بتعرف توزيع الدخل القومي بصورة أفضل. وينبغي ملاحظة أن هذين المفهومين (التقليدي الجديد والكينزي) للتوازن يضمان بذاتهما توازنات فرعية (بين العرض والطلب في السوق، وبين الدخل والاستهلاك العائلي، عدا توازن الموازنة والتوازن الدولي وغيرها).

ومما يجدر ذكره في هذا المجال أن عالم اليوم يشهد تزايداً مطرداً في توجيه أصابع الاتهام إلى التوازن بصفته معياراً وإلى استمراره «أداة تحليل» في خدمة السياسات الاقتصادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابحث في موضوعات الوكالة

الدانة نيوز - احدث الاخبار

صفحة المقالات لابرز الكتاب

. ... السيدة العربية

اخر اخبار الشبكة الاعلامية الرئيسية

إضافة سلايدر الاخبار بالصور الجانبية

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة

اعشاب تمنحك صحة قوية ورائعة
تعرف على 12 نوع من الاعشاب توفر لك حياة صحية جميلة سعيدة

الاكثر قراءة

الاخبار الرئيسية المتحركة

حكيم الاعلام الجديد

https://www.flickr.com/photos/125909665@N04/ 
حكيم الاعلام الجديد

تابعنا على الفيسبوك

------------- - - يسعدنا اعجابكم بصفحتنا يشرفنا متابعتكم لنا

أتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الارشيف

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام

شرفونا بزيارتكم لصفحتنا على الانستغرام
الانستغرام

اخر المواضيع - شبكة الدانة نيوز الرئيسية

صفحتنا على فيسبوك

سلايدر الصور الرئيسي

?max-results=7"> سلايدر الصور والاخبار الرئيسي
');
" });

السلايدر المتحرك الرئيسي مهم دا

حقوق الطبع والنشر محفوظة لمؤسسة نيوسيرفيس سنتر للاعلام والعلاقات العامة . يتم التشغيل بواسطة Blogger.