من مفارقات الاقتصاد الدولي اليوم أن تتعايش حالة الافتقار إلى المنتجات في دول العالم الثالث. (ربما أحياناً مع فائض إنتاجي قطاعي) مع الخوف من فائض إنتاج في «المجتمعات الاستهلاكية» (في الدول المتقدمة) وأن يتم اللجوء في هذه المجتمعات إلى تنشيط مصطنع للطلب من أجل تحقيق نمو في الإنتاج والحفاظ على الاستخدام الكامل.
وتعود أزمات «فائض الإنتاج» في الاقتصاد الدولي إلى القرن التاسع عشر وتطور الرأسمالية الصناعية في تلك المرحلة. ويبدو أنها كانت متلازمة مع تعثر آلية عمل «اقتصاد السوق». فهذا الخلل في توازن الاقتصاد الدولي لا يمكن أن يكون إلا جزئياً ومؤقتاً في بعض الدول في حين أنه قد يكون شاملاً ومستمراً في بعضها الآخر.
ويذهب اقتصاديو المدرسة التقليدية في القرن التاسع عشر إلى أن فائض الإنتاج الشامل هو أمر مستحيل، لأن «المنتجات تتبادل لقاء منتجات» (قانون المنافذ لجان باپتيست ساي Jean-Baptiste Say)، ولا يمكن أن يكون هناك فائض في العرض على النطاق العالمي، لأن العلاقة بين العرض والطلب هي أكثر من كونها مساواة وإنما تعود «لمواصفات في طبيعة كل منهما»، «فالمبادلة بوساطة النقد تعادل المقايضة.
فالنقد هو وسيط حيادي ولا يرغب به لذاته». ومن ثمَّ لن يكون هناك اكتناز، فالدخول التي ادُّخرت يجري إقراضها إلى مستثمرين لقاء فائدة، ويتم بوساطة تغيير معدل الفائدة تحقيق المساواة، بين الادخار والاستثمار أي بين العرض العالمي الإجمالي والطلب العالمي الإجمالي. إن هذا التوازن الشامل في الوقت نفسه توازن للاستخدام الكامل، لأن مرونة أسعار العوامل تضمن المساواة بين عرض هذه العوامل والطلب عليها.
أما خلل التوازن بالإضافة إلى ندرة حدوثه فهو جزئي ومؤقت، إذ يؤدي فائض العرض آلياً إلى خفض السعر مما ينشط الطلب ويكبح الإنتاج وفي الأمد الطويل، فإن ثبات الأجر الحقيقي وزيادة عائد الملاّك العقاريين المرتبط بتزايد الندرة النسبية للأرض في مواجهة تزايد السكان يؤدي إلى تقلص معدل الربح. ومن ثمَّ إلى انخفاض الاستثمار وتراكم رأس المال ممَّا يدفع بالاقتصاد نحو وضع يتصف بالجمود، إذ يستقر كل من عدد السكان والإنتاج غير أن العرض يبقى دوماً مساوياً للطلب.
وتعد الدول اليوم مسؤولة أكثر فأكثر عن الحفاظ على النمو الاقتصادي والتوازن والاستخدام الكامل. وعلى أنَّ تدخل الدول كان صعباً، يبدو ناجحاً في الأمد القصير والمتوسط، لأن الاستخدام الكامل والنمو أمكن تحقيقهما بصورة عامة في اقتصاديات الدول المسماة الدول المتقدمة، لأن الأزمات استعيض عنها بحالات ركود خفيفة. غير أنه ليس من المؤكد إمكانية الاستمرار بنسب النمو الحالية في الأمد الطويل مما يؤدي إلى فائض الإنتاج الشامل ومن ثمَّ إلى التشكيك في مدى صلاحية النظام الاقتصادي القائم اليوم.
وتعد الدول اليوم مسؤولة أكثر فأكثر عن الحفاظ على النمو الاقتصادي والتوازن والاستخدام الكامل. وعلى أنَّ تدخل الدول كان صعباً، يبدو ناجحاً في الأمد القصير والمتوسط، لأن الاستخدام الكامل والنمو أمكن تحقيقهما بصورة عامة في اقتصاديات الدول المسماة الدول المتقدمة، لأن الأزمات استعيض عنها بحالات ركود خفيفة. غير أنه ليس من المؤكد إمكانية الاستمرار بنسب النمو الحالية في الأمد الطويل مما يؤدي إلى فائض الإنتاج الشامل ومن ثمَّ إلى التشكيك في مدى صلاحية النظام الاقتصادي القائم اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق