تُشير آخر الإحصائيات للأمم المتحدة إلى أنّ 815 مليون شخص حول العالم، لا يجدون ما يكفي لتلبية احتياجاتهم من الغذاء، وحوالي 767 مليون شخص لا يزالون يعيشون بأقلّ من 1 دولار يومياً، ورغم الجهود العالمية لمكافحة آفة الفقر بحلول 2030، إلى أنّ النسب بقيت مرتفعة في عدد من البلدان.
مصر احدى الدول التي تعيش هاجس انتشار الفقر بين المواطنين، حيث يرزح 30 مليون مصري تحت خط الفقر المدقع، إضافة إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى 3.5 مليون، وذلك وفق إحصائيات رسمية.

افة الفقر تهدد حياة المصريين

وفي السياق ذاته، يُواجه المواطن المصري أزمة حقيقية بسبب زيادة معدلات الفقر والبطالة، وسط ارتفاع كبير في الأسعار وخاصة المواد
الغذائية والمعيشية، الأمر الذي حال دون توفير أبسط الضروريات الأساسية في حياتهم اليومية.
وعرّف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر الفقر بأنّه الوضع الذي يستطيع فيه الفرد أو الأسرة توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية، في حين بيّن البنك الدولي الفقر حول العالم، بالوضعية التي يقلّ فيها دخل الفرد الواحد عن 600 دولار أمريكي سنوياً.
وأكّد تقرير رسمي صادر العام الماضي عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر أنّ نسبة الفقر المدقع ارتفعت إلى 5.3 بالمائة سنة 2015، بينما كانت هذه النسبة تبلغ 4.4 بالمائة سنة 2012، مرجعاً ارتفاع عدد الفقراء إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغلاء المعيشة في مصر.
وتشير الإحصائيات الصادرة في بيان الجهاز المركزي بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر، إلى ارتفاع نسق نسب الفقر من 25.2 بالمئة سنة 2011، إلى 26.3 بالمائة سنة 2013، لتصل 27.8 بالمائة في 2015.

ارتفاع متوازي لمتوسط الدخل والأسعار

وبحسب ذات التقرير، أشارت الأرقام إلى أنّ متوسط دخل الأسرة ارتفع من 30 ألفاً سنة 2012 إلى 45 ألف جنيه سنوياً نهاية 2015 في حين بلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة 3750 جنيها، وذلك تزامناً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية من 182.8 نقطة إلى 188.9 نقطة خلال سنة 2016، كما ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 12.9 بالمائة.
وأوضح التقرير، أنّ نسب الأسر التي تحصل على دخلها من العمل بلغت 70 بالمائة، فيما بلغت نسب الأر التي تعتمد في دخلها على
التحويلات الخارجية16.7بالمائة، أما الأسر التي تعتمد على القيمة الإيجارية التقديرية للمسكن فتبلغ 10.4 بالمائة، في مقابل 2.5 بالمائة للتي تعتمد على الممتلكات.
وأضاف الجهاز، أنّ قيمة متوسط خط الفقر للفرد في الشهر لا تتجاوز 322جنيها سنة 2015، وأنّ 81.8 بالمائة من الفقراء لا يستفيدون من التأمينات الاجتماعية، وأنّ 8.7 بالمائة من الفقراء مشتركون في التأمينات الاجتماعية.
 مصر بلا عوز
مصر بلا عوز ” هو شعار التقرير الذي أصدره الجهاز المركزي بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة الفقر، واستعرض فيه استراتيجية مصر للتنمية المستدامة، التي تهدف إلى خفض نسبة الفقر من 5.3 بالمائة إلى 2.5 بالمائة سنة 2020 والقضاء عليها تماما سنة 2030.
ويُعتبر برنامج “تكافل وكرامة”، من أهم البرامج التي تهدف من خلالها الحكومة المصرية إلى القضاء على الفقر، والقائم على تقديم الدعم في كل من قطاعي الصحة والتعليم، حيث يقدّم دعماً نقدياً للأسر الفقيرة التي لديها أطفال في مراحل التعليم المختلفة ومرحلة الحضانة.
وأشار ذات التقرير، إلى أنّ عدد المنتفعين من برنامج تكافل وكرامة، بلغ1.7 مليون أسرة من الفترة الممتدة من مارس 2015 إلى شهر ماي 2017، أيّ ما يقارب 8 ملايين فرد، وبكلفة قدرت بـ 7.5 مليار إجمالي المنصرف للأسرة المستفيدة، أيّ بنسبة 72 بالمائة من إجمالي الكلفة.

انفجار سكاني في مصر

من جهة أخرى، ساهم ارتفاع عدد السكان في انتشار ظاهرتي الفقر والبطالة في صفوف المصريين، حيث ارتفع عدد السكان  من 72.8  مليون نسمة سنة 2006، إلى 76.1 مليون نسمة سنة 2009، ثم 104 مليون نسمة سنة 2017 ومن المتوّقع أن يصل إلى 140 مليون نسمة بحلول سنة 2030 ، وذلك وفق احصائيات الجهاز المركزي.

البطالة : ارتفاع رغم التراجع

وفيما يخصّ البطالة، أكّد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أنّ المعدّل تراجع إلى 12 بالمائة في الربع الأول من سنة 2017 مقارنة بـ 12.7 بالمائة سنة 2016.
وأضاف المركز، أنّ عدد العاطلين عن العمل وصل إلى 3.5 مليون عاطل عن العمل، محققاً بذلك تراجعاً قدر بـ 88 ألف، وبلغ حجم قوّة العمل 29.149 مليون موظف، بزيادة 710 آلاف موظف سنة 2016.
وتعمل مصر جاهدة على خفض معدّل البطالة إلى 12 بالمائة خلال السنة المالية 2016-2017، والتي تنتهي في 30 جوان / يونيو الفارط.
الفقر والجوع والبطالة، مخاطر تهدّد حياة المجتمع المصري الذي يعاني نسبة كبيرة منه عجزاً في توفير قوته اليومي، رغم محاولات سلطات القاهرة الحد منها ومن تداعياتها، عبر سلك سياسة التقشف وتعويم الجنيه المصري، وإرساء برامج لمساعدة الفقراء، إلا أنّ مثل هذه الإجراءات  لم تحدّ من انتشار الظاهرة وتحقّق خطوات ملموسة، بل يبدو انها قد فاقمتها.

 الوسوم